معركة قضائية بين نيويورك تايمز وأوبن إيه آي: الذكاء الصنعي على محك القانون
مع تطور تقنيات الذكاء الصنعي بوتيرة متسارعة، باتت مخاوف حماية حقوق الملكية الفكرية تتزايد. وفي خطوة قانونية غير مسبوقة، رفعت صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي دعوى قضائية ضد شركة أوبن إيه آي المطورة لتقنية ChatGPT، متهمة إياها باستخدام محتواها بشكل غير قانوني في تدريب النماذج الذكية.
وترى نيويورك تايمز أن هذه الممارسة تشكل انتهاكاً صارخاً لقانون حقوق النشر والطبع، وقد سبق أن رفعت جهات أخرى دعاوى مماثلة ضد عمالقة التقنية. لكن ما يميز قضية نيويورك تايمز هو أنها الأقوى والأكثر وضوحاً في ادعاءاتها، مما يتيح فرصة حقيقية لتحقيق انتصار قانوني لمالكي حقوق الملكية الفكرية.
ومن المنتظر أن تثير هذه القضية نقاشاً قانونياً مهماً حول التوازن بين تطوير تقنيات المستقبل وحماية الإبداع والابتكار.
وقال ماثيو ساج، أستاذ القانون في جامعة إيموري، في تصريح لصحيفة واشنطن إكزامينر : “إن هذه القضية التي رفعتها نيويورك تايمز بالتأكيد قضية يجب متابعتها ومراقبة تطوراتها. وأضاف: “إنها أقوى من بعض القضايا الأخرى المماثلة التي سبق وأن رُفعت، وأكثر وضوحاً من حيث الادعاءات.”
وقد ركزت صحيفة نيويورك تايمز في دعواها ضد شركتي أوبن إيه آي ومايكروسوفت على أنه يجب محاسبة الشركتين على “مليارات الدولارات من الأضرار المادية والمعنوية المتعلقة بـ النسخ غير المشروع والاستخدام التعسفي للمحتوى الفريد للصحيفة. وتدعي الصحيفة أن استخدام أوبن إيه آي غير المصرّح لمحتواها يمكن أن يضرّ بأرباحها.
ومن جهة أخرى، يرى ماثيو ساج، خبير في القانون والتكنولوجيا، أن أقوى حجة للصحيفة موجودة في الأمثلة التي قدمتها؛ إذ نشر فريقها القانوني 100 مثال على نسخ ChatGPT لمحتوى التايمز حرفيًا عندما طُلب منه ذلك، من خلال وضع المحامون الأجزاء الأولى من مقالات الصحيفة ثم طلبوا من الروبوت إكمالها.
الموازنة بين الاستخدام العادل وحماية حقوق الملكية.. تحديات أمام القضاء
يُسمح مبدأ الاستخدام العادل في قوانين حقوق الملكية الفكرية باستخدام مقاطع محدودة من المصنفات المحمية بحقوق النشر، شريطة استيفاء عدة شروط:
1- أن يكون الهدف من الاستخدام لأغراض التعليق أو النقد أو التحليل أو التدريس، وليس للربح التجاري.
2- أن يتم تحويل أو إضافة قيمة على المحتوى الأصلي، وليس مجرد نسخه كما هو.
3- ألا يتجاوز الاقتباس حجمًا معقولاً بحيث لا يؤثر سلبًا على قيمة العمل الأصلي أو حقوق مالكه.
ويقيّم مكتب حقوق النشر الأمريكي هذه العوامل قبل تحديد ما إذا كان الاستخدام يندرج ضمن الاستخدام العادل أم لا.
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أمام اختبار قانوني كبير.. ما الذي ستقرره المحكمة؟
يركز النقاش القانوني حول ما إذا كان استخدام OpenAI لمحتوى صحيفة نيويورك تايمز يندرج تحت مبدأ الاستخدام العادل من عدمه، وفقاً للمعايير التي وضعها مكتب حقوق الطبع والنشر الأمريكي.
فمن ناحية، يمكن القول إن الغرض من ChatGPT تعليمي وخدمي للمجتمع، لكن من ناحية أخرى فإن OpenAI شركة ربحية تسعى للنمو التجاري. أما بالنسبة لمستوى الإبداع في المحتوى، فاستخدام الحقائق أقل حساسية من نسخ المقالات حرفياً.
وفيما يتعلق بحجم الاستخدام، فقد تم تدريب النموذج على كميات كبيرة من محتوى التايمز، لكنه غالباً ما يلخص ويحول المحتوى. أما التأثير السوقي، فتحتاج نيويورك تايمز لإثبات أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تهدد إيراداتها وقراءها بشكل كبير.
أعربت شركة أوبن إيه آي عن احترامها لحقوق منشئي المحتوى ومالكيه، مشيرة إلى أن مناقشاتها مع صحيفة نيويورك تايمز كانت إيجابية وبنّاءة. لذا فقد جاء رفع الدعوى القضائية مفاجئاً ومخيباً للآمال بالنسبة للشركة.
وإذا ما ثبتت إدانة أوبن إيه آي بانتهاك مقصود لقانون حقوق الطبع والنشر، فإن المحكمة يمكن أن تفرض غرامات تصل إلى 150 ألف دولار عن كل انتهاك على حدة.
الكاتب يقترح عليك قراءة: الذكاء الاصطناعي واستخداماته المذهلة: رحلة في عوالم المستقبل