الذكاء الاصطناعي التوليدي في العمل: كيف تستثمر إمكاناته بحكمة؟
لطالما حلم الإنسان بآلات ذكية تفوق قدراته. واليوم، أصبح هذا الحلم حقيقة ملموسة مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي. إذ تتيح هذه التقنية المذهلة للشركات إمكانات لا حصر لها لتسريع الإنتاجية وابتكار منتجات وخدمات استثنائية.
لكن مع كل هذه الفرص، تأتي أيضًا بعض التحديات. فالتكنولوجيا الجديدة غالبًا ما تحمل بذور الفوضى معها.
ونتيجة لذلك، وضعت بعض الشركات قواعد لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في مكان العمل – آملةً في الاستفادة القصوى من الأدوات الجديدة مع التخفيف من بعض المخاطر. تعرفوا على بعض استراتيجيات إدارة المخاطر الناشئة عن استخدام برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي في المقال التالي.
لكن دعونا بدايةً نشرح لكم ماهية الذكاء الاصطناعي التوليدي وكيف يعمل؟
قائمة المحتويات
ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) هو نوع متقدم من الذكاء الاصطناعي يستطيع إنتاج محتوى جديد وفريد بشكل مستقل، مثل النصوص والصور ومقاطع الفيديو والموسيقى.
تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على تقنيات التعلم العميق والشبكات العصبية لاستيعاب الأنماط في مجموعات بيانات ضخمة، ثم استخدام تلك الأنماط لإنتاج محتوى جديد وفريد وذي صلة.
يتميز المحتوى الناتج بالإبداع والتنوع والدقة العالية. ومن أبرز أمثلة الذكاء الاصطناعي التوليدي: (ChatGPT، وDALL-E 2).
تتيح هذه التقنية المبتكرة طاقات هائلة لتسريع العديد من العمليات الإبداعية والإنتاجية في مجالات متنوعة.
قد يهمك قراءة: سباق الذكاء الاصطناعي يشتعل.. جوجل تطلق “Gimini” لمواجهة شات جي بي تي
استراتيجيات إدارة المخاطر الناشئة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي
الذكاء الاصطناعي التوليدي يفتح آفاقاً هائلة أمام الشركات من تسريع للإنتاجية والابتكار، لكنه ينطوي على بعض المخاطر أيضاً. فكيف يمكن للشركات أن تتبنى هذه التقنيات الواعدة بشكل آمن وبنّاء؟
تجنب وهم الذكاء الاصطناعي
من المهم أن تكون الشركات على علم بأن البيانات والمعلومات العامة التي تستخدمها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي قد تحتوي على تحيزات ديموغرافية تنعكس على النتائج. لذلك، يجب عليها اتخاذ الاحتياطات اللازمة للتحقق من صحة وموضوعية النماذج والتأكد من عدم انتهاك حقوق أو مصالح أي فئة من الناس.
ينصح الخبراء بضرورة مراجعة مخرجات الذكاء الاصطناعي وتمحيصها، والاعتماد على الحكم البشري للتأكد من دقتها وموضوعيتها قبل اتخاذ أي قرارات بالاعتماد عليها.
تجنب مشاركة البيانات الحساسة مع البرامج العامة
عندما تستخدم برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب أن تكون حذراً من المعلومات التي تدخلها في البرنامج. فهذه البرامج تحفظ المحادثات والمطالبات وتستخدمها لتدريب نماذجها، مما قد يجعلها تظهر مرة أخرى في استجابة لبحث شخص آخر. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تسرب معلومات حساسة خاصة بك أو بشركتك.
من بين المعلومات التي يمكن الكشف عنها بهذه الطريقة: رمز الكمبيوتر، ومعلومات العملاء، ونصوص اجتماعات الشركة أو تبادلات البريد الإلكتروني، والبيانات المالية أو بيانات المبيعات للشركة.
اختر البرنامج الذي يحافظ على سرية بياناتك
في عصر البيانات، أصبح الحفاظ على خصوصيتها أمرًا بالغ الأهمية. ومع تزايد اعتمادنا على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، أصبح الاختيار الحكيم لمنصاته ضروريًا.
فعلى الرغم من فوائد الإصدارات العامة من هذه التقنية، إلا أنها قد تنطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة لخصوصية البيانات الحساسة. لذا لجأ الكثير من الشركات إلى اعتماد المنصات المؤسسية التي توفر مستويات أعلى من الأمان والرقابة.
وهكذا، فإن تبني الحلول المصممة خصيصًا لحماية البيانات يساعد على تفادي أي انتهاكات محتملة للخصوصية مع الاستمتاع الكامل بفوائد هذه التقنية الواعدة.
احذر هلوسات الذكاء الاصطناعي
إنها لحظات خدّاعة. عندما تتفاعل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، قد ترى أجوبة تبدو منطقية ودقيقة بشكل مذهل، إلا أنها غالبًا تحتوي على معلومات خاطئة أو مضللة. حتى أنه يصعب أحيانًا اكتشاف تلك الأخطاء والتحريفات.
ويحذر الخبراء من هذه الهلوسة. فما يقدمه هذا الذكاء من محتوى قد يؤثر سلبًا على سمعة الشركات وعلاقاتها مع عملائها. لذا، من الضروري التحقق دائمًا من صحة المعلومات قبل اعتمادها.
وللحد من هذه المخاطر، تلجأ بعض الشركات لتطوير تطبيقات داخلية خاصة بها، أو التعاقد مع مزودي الذكاء الاصطناعي لضمان تدريب نماذجهم فقط على بياناتها الخاصة. وبذلك تتمكن من الاستفادة من هذه التقنيات بشكل آمن وموثوق.
الافصاح عن حقيقة المحتوى المُولَّد بالذكاء الاصطناعي
مع تفشي استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى، أصبح من الضروري التحقق من مصادره والكشف عنها. فالإفصاح عن استخدام هذه التقنيات يدعم الشفافية ويبني الثقة مع الآخرين.
ويشدد الخبراء على أهميتها بالنسبة للشركات التي تتعامل مع عملاء. فمن شأن عدم الإفصاح أن يعرّض العلاقة للخطر إذا ما تبين وجود معلومات مضللة. كما قد تتحمل الشركة مسؤولية قانونية بسبب ذلك.
لذا فالأمانة تقتضي التعامل بشفافية مع المحتوى المُولَّد آليًا والإفصاح عنه. تلك خطوة أخلاقية أساسية نحو بناء تواصل بنّاء مع الآخرين.
احذر من انتهاك حقوق الملكية الفردية
باتت أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة اليوم على إنتاج محتوى فريد بمهارة وإبداع، لكن هذا المحتوى ليس بالضرورة أصليًا أو مملوكاً لمستخدم هذه التقنيات.
ففي بعض الأحيان، تستند هذه المخرجات إلى أعمال محمية بحقوق الطبع والنشر، ما قد يعرّضك لانتهاكات قانونية.
وعلى الرغم من غموض الوضع القانوني حاليًا، إلا أن هناك العديد من القضايا ما زالت منظورة أمام المحاكم. لذا كن حذرًا وتأكد من عدم استخدام أي محتوى بطريقة تنتهك حقوق ملكيته الفكرية. استشِر محاميًا متخصصًا عند اللزوم، وتجنب الوقوع في مشاكل قانونية.
قد يهمك قراءة:
من محرك البحث إلى الدردشة الذكية: هل يتحول Google إلى منافس لـ ChatGPT؟”
شركة Meta تدخل عالم الذكاء الاصطناعي بإطلاق نموذج لغوي عملاق مفتوح المصدر
خلاصة القول
ما من شك في القوة الهائلة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في تسريع الإنتاجية والابتكار ورفع تنافسية الشركات. لكن كل تلك الإمكانات الواعدة، قد تصطدم بعوائق أخلاقية وقانونية خطيرة إن لم يتم التعامل معها بحكمة وحذر.
فعلى الشركات أن تتبنى مقاربة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار كافة التداعيات وتضع سياسات واضحة لترشيد الاستخدام وتعظيم المنافع مع الحد من المخاطر.
ذلك هو السبيل الوحيد لجني ثمار التقدم التكنولوجي من دون المساس بالقيم الأساسية للمؤسسة أو سمعتها. وبهذا فقط يمكن تحويل “النقمة” إلى “نعمة” حقيقية.
الكاتب يقترح عليك قراءة: ChatGPT: قصة الروبوت الذكي الذي يتحدث معك ويجعلك تتعلم وتضحك وتستمع!